lمن سبب الحب العين ام القلب

مين السبب في الحب القلب ؟ أم العين ؟


هناك مناظرة بين القلب والعين ولوم كل منهما صاحبه والحكم بينهما :


لما كانت العين رائداً . والقلب باعثاً وطالباً , وهذه لها لذة
الرؤية , وهذا له لذة الظفر , كانا في الهوي شريكي عنان , ولما وقعا في
العناء واشتركا في البلاء , أقبل كل منهما يلوم صاحبه ويعاتبه .

فقال القلب للعين : أنت التي سقتني إلي موارد الهلكات وأوقعتيني في
الحسرات بمتابعتك اللحظات , ونزهت طرفك في تلك الرياض وطلبت الشفاء من
الحدق المراض وخالفت قول أحكم الحاكمين ( وقل للمؤمنين يغضو من أبصارهم )
وقول الرسول ( النظرة إلي المرأة سهم مسموم من سهام إبليس فمن تركه من خوف
الله عز وجل أثابه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه) وقول الرسول (نظر
الرجل في محاسن المرأة سهم مسموم من سهام ابليس فمن اعرض عن ذلك السهم
أعقبه الله عبادة تسره )

فمن الملوم سوي من رمي صاحبه بالسهم المسموم ؟ أو ما علمت أنه ليس شيء
أضر علي الإنسان من العين واللسان ؟ فما عطب أكثر من عطب إلا بهما وما هلك
أكثر من هلك إلا بسببهما فالله كم من مورد هلكة أورداه ومصدر ردي عنه
أصداره فمن أحب أن يحيا سعيداً ويعيش حميداً فليغض من عنان طرفه ولسانه من
الضرر فإنه كامن في فضول الكلام وفضول النظر . وقد صرح الصادق المصدوق بأن
العينين تزنيان وهما أصل زني الفرج فإنهما له رائدان وإليه داعيان وقد سُئل
الرسول عن نظرة الفجأة فأمر السائل يصرف بصره فأرشده إلي ما ينفعه ويدفع
عنه ضرره وقال لإبن عمه علي رضي الله عنه وارضاه محذراً له مما يوقع في
الفتنة ويورث الحسرة (لاتتبع النظرة النظرة ) أوما سمعت قول العُقلاء من
سرح ناظره أتعب خاطره ومن كثرت لحظاته دامت حسراته وضاعت عليه أوقاته وفاضت
عبراته وقال الشاعر


نظر العيون إلي العيون هو الذي ...........جعل الهلاك إلي الفؤاد سبيلاً

مازالت اللحظات تغزو قلبه .....................حتي تشحط بينهن قتيلا

تمتعما يا مقلتي بنظرة ........................وأوردتما قلبي أمر الموارد

أعينيّ كُفا عن فؤادي فإنه ..................من الظلم سعيُ اثنين في قتل واحد


ردت العين علي القلب


قالت العين : ظلمتني أولاً وآخراً وبؤت بإثمي باطنا وظاهراً وما أنا إلا رسولك الداعي إليك ورائدك الدال عليك

وإذا بعثت برائد نحو الذي ................... تهوي وتعتبه ظلمت الرائدا

فأنت الملك المطاع ونحن الجنود والأتباع أركبتني في حاجتك خيل البريد
ثم أقبلت علي بالتهديد والوعيد فلو أمرتني أن أغلق علي بابي وأرخي علي
حجابي لسمعت وأطعت ولمّا رعيت في الحمي ورتعت أرسلتني لصيدٍ قد نصبت لك
حبائله وأشراكه واستدارت حولك فخاخه وشباكه فغدوت أسيراً بعد أن كنت أميراً
,وأصبحت مملوكاً بعد أن كنت مليكاً هذا وقد حكم لي عليك سيد الآنام وأعدل
الحكام عليه الصلاة والسلام حيث قال ( إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها
سائر الجسد وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ألا وهي القلب ) وقال أبو هريرة
القلب ملك والأعضاء جنوده فإن طاب الملك طابت جنوده وإذا خبث الملك خبثت
جنوده ولو أنعمت النظر لعلمت أن فساد رعيتك بفسادك وصلاحها ورشدها برشادك
ولكنك هلكت وأهلكت رعيتك وحمّلت علي العين الضعيفة خطيئتك وأصل بليتك أنه
خلا منك حب الله وحب ذكره وكلامه وأسمائه وصفاته وأقبلت علي غيره وأعرضت
عنه وتعوضت بحب من سواه والرغبة فيه منه وقد انكر الله علي بني اسرائيل (
اتستبدلون الذي هو أدني بالذي هو خير)فكيف بمن استبدل بمحبة خالقه وفاطره
ووليه ومالك أمره الذ لا صلاح له وفلاح ولا نعيم ولا سرور ولا فرحة ولا
نجاة إلا بأن يوحده في الحب ويكون أحب إليه مما سواه فانظر بالله بمن
استبدلت ؟ وبمحبة من تعوضت؟ رضيت لنفسك بالحبس في الحش وقلوب محبيه تجول
حول العرش فلو أقبلت عليه واعرضت عمن سواه لرأيت العجائب ولأمنت من المتالف
والمعاطب أو ما علمت أنه خص بالفوز والنعيم من أتاه بقلب سليم , أي سليم
مما سواه ليس فيه غير حبه واتباع رضاه قالت العين : وبين ذنبي وذنبك عند
الناس كما بين عماي وعماك في القياس وقد حكم لي من بيده أزمة الأمور فقال
جل شأنه ( فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور )


حكم بينهما


فلما سمعت الكبد تحاورهما الكلام وتناولهما الخصام قالت أنتما علي
هلاكي تساعدتما وعلي قتلي تعاونتما ولقد انصف من حكي مناظرتكما وعلي لسان
متظلما منكما


يقول طرفي لقلبي هجت لي سقماً.................والعين تزعم أن القلب أنكاها

والجسم يشهد أن العين كاذبة....................... وهي التي هيجت للقلب بلواها

لولا العيون وما يجنين من سقم .....................ما كنت مطرحاً من بعض قتلاها

فقالت الكبد المظومة اتئدا .............................قطعتماني وما راقبتما الله


قالت الكبد أنا أتولي الحكم بينكما أنتما في البلية شريكا عنان كما
أنكما في اللذة والمسرة فرسا رهان فالعين تلتذ والقلب يتمني ويشتهي ولهذا
قال القائل


فوالله ما أدري أنفسي ألومُها ..............علي الحب أم عيني المشومة أم قلبي .

فإن لمت قلبي قال العين أبصرت .... ....وإن لمت عيني قالت الذنب للقلب.

فعيني وقلبي قد تقاسمتما دمي ........فيارب كن عوناً علي العين والقلب .


وقالت الكبد : ولما سقيت القلب ماء المحبة بكؤوسك أوقدت عليه نار
الشوق فارتفع إليك البخار فتقاطر منك فشرقت بشربه أولاً وشرقت بحره ناره
ثانياً وقالت الحاكم بينكما كماجاء في الأثر أنه لا تزال الخصومة يوم
القيامة بين الخلائق حتي تختصم الروح والجسد فيقول الجسد للروح أنت الذي
حركتني وأمرتني وصرفتني وإلا فأنا لم أكن أتحرك ولا أفعل بدونك وتقول الروح
له وأنت الذي أكلت وشربت وباشرت وتنعمت فأنت الذي تستحق العقوبة فيرسل
الله ملكاُ إليهما يحكم بينهما فيقول مثلكما مثل مقعد بصير وأعمي يمشي دخلا
بستانا فقال المقعد للأعمي أنا أري ما فيه من الثمار ولكن لاأستطيع القيام
وقال الأعمي أنا أستطيع القيام ولكن لاأبصر شيئاً فقال له المقعد تعال
فاحملني فأنت تمشي وأنا أتناول فعلي من تكون العقوبة ؟فيقول عليهما .


قال : فكذلك أنتما