شبكة ومنتديات ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا )
نرحب بك زايرا كريما ونسعد كثير بانضمامك معنا
شبكة ومنتديات ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا )
نرحب بك زايرا كريما ونسعد كثير بانضمامك معنا
شبكة ومنتديات ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا )
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شبكة ومنتديات ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا )

اسلامى على نهج اهل السنة والجماعة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولالدخول
تهنى شبكة ومنتديات ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) الامة الاسلامية بحلول شهر رمضان الكربم اعاده الله عاينا ونحن اكثر التزاما وتمسكتا بديننا الحنيف

 

 قصة هداية مؤثرة وممتعة (رحلة حياتي) بقلم العالم الشيعي حجة الإسلام مرتضى رادمهر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
راجية رضى الله
مشرفة
مشرفة
راجية رضى الله


عدد المساهمات : 51
تاريخ التسجيل : 12/11/2011

قصة هداية مؤثرة وممتعة (رحلة حياتي) بقلم العالم الشيعي حجة الإسلام مرتضى رادمهر Empty
مُساهمةموضوع: قصة هداية مؤثرة وممتعة (رحلة حياتي) بقلم العالم الشيعي حجة الإسلام مرتضى رادمهر   قصة هداية مؤثرة وممتعة (رحلة حياتي) بقلم العالم الشيعي حجة الإسلام مرتضى رادمهر I_icon_minitime15th نوفمبر 2011, 9:24 am



[size=21]المقدمة




الحمد لله رب العالمين ، الذي هدانا للإسلام
والإيمان والإحسان ، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وأصحابه
وأتباعه أجمعين إلى يوم الدين .

حمداً لك يا رب الكون ، ويا خالق العقل والفكر
والعلم والمعرفة والهداية والنور .

نحمدك يا خالق السماوات والأرض ومن فيهن ،
ويا مالك الكون ومن فيه ، لا نعبد إلا إياك ولا نركع إلا بين يديك ، ولا رب لنا ولا
خالق لنا سواك ... أنت الله الذي وهبت لنا عقولا نفهم بها ، وقلوبا نعي بها ،
وصدورا ملأتها بمحبتك ورجاء رضائك .

إلهي ! .. أحمدك كل الحمد وأشكرك كل الشكر ،
بأنك هديتني للإسلام وشرحت قلبي بنور الإيمان .

إلهي ! .. لك الحمد كما ينبغي
لجلال وجهك وعظيم سلطانك ، على أنك وهبت لي عقلا يفكر ، وقلباً يعشق الحق ويبحث عنه
..

إلهي ! .. لك الحمد على عظيم منتك عليَّ ، فقد وهبت لي شجاعة ترجو الشهادة ،
وجرأة للنطق بالحق ، ولئلا أخاف فيك لومة لائم ..

عزيزي القارئ ..
ما أضعه
بين يديك ليس إلا بكاء على أيام ضلالتي في متاهات الجهل والبدع ... وتقريراً عن ظلم
الطغاة وقتلة الحرية ، وأعداء العقل والبشرية ...

رسالة مؤلمة تكشف أيام الهداية
والوصول إلى المعبود الحق الذي لا إله سواه ، ولا معبود إلا إياه ..

كلمات تتحدث
عن ميلاد جديد ، وحياة جديدة ، في ظلال عقيدة صادقة .

ونبراس على الطريق الصحيح
والصراط المستقيم ، صراط الذين أنعم الله عليهم من الأنبياء والصديقين والشهداء
والصالحين وحسن أولئك رفيقا ..

فإن كنت يا أخي القارئ ، تجد اضطر اباً وركاكة في
أسلوبي ، وتفتقد أبياتاً شعرية تناسب المقام والمجال ، فأعتذر منك إذ لست أديباً
أريباً ولا شاعرا مفوها ، وإنما هي خواطر وحديث عن أيام عشتها ، وضعتها بين هذه
السطور لتنتقل إلى صدرك وإلى كل الصدور ...

كنت أشعر في قرارة نفسي بأنه يجب
عليَّ أن أكتب شيئاً عن سيرتي الذاتية كمقدمة لتلك البحوث والدراسات في الجامعة
و"الحوزة" التي أكلت من عمري سنين ، ثم ساقتني إلى الحق المبين ، وعلى تجاربي في
السجن والتعذيب والهجرة ، وقبل هذا وذاك على الأسباب التي جعلتني أرتقي من وحل
البدع ، لأقف على شموخ الحقيقة .

كتبتها لتكون تجربة واقعية بين يدي كل حر يريد
أن يفكر حرا بعيدا عن قيود التعصب الأعمى والتقليد المميت ، ولتكون تجربة حية بين
يدي كل من يبحث عن الحقيقة ويتعطش لها ، وكل من شمر عن أيادي الجد للبحث والتدقيق،
والمدارسة والتحقيق في سبيل الوصول إلى طريق الهداية وسبيل الرشاد ..

عزيزي
القارئ ...

كنت أتمنى أن تسمح لي صحتي ، وتتركني أمراضي أن أضعك أمام صورة واضحة
تفصيلية دقيقة على كل ما جرى لي ، ولأكشف لك عن حقائق كثيرة أثرت فيَّ ، وجعلتني
أفكر وأعيد النظر فيما كنت فيه من العقائد والأفكار ..

إلا أن الظروف المحيطة بي
، ووضعي الصحي لم يسمحا لي بشيء من ذلك ، لكن استجابة لطلب إخواني وأصحابي اضطر رت
أن أضع هذه السطور المختصرة ، أملا في أن أكتب شيئاً تفصيلياً أكثر من هذا إذا مد
الله لي في الحياة ، وعادت إليَّ الصحة والنشاط ..

حاولت أن أقدم صورة مختصرة
عمَّا حدث لي في هذا الكتيب ، طعَّمتها بشيء من الشواهد والأدلة ، بلغة سهلة ميسرة
على سبيل الحكاية العادية ، ولم أتبع أسلوب أهل الروايات والقصص الفنية ..

ولا
أجد لهذا الكتيب وصفاً إلا أن أقول بأنه صورة مختصرة، تقدم لك الأسباب التي كسّرت
قيود الجهالة والتعصب والتقليد في نفسي ، وأخرجتني من البدع والخرافات والأساطير
إلى نور الإيمان . وتضع بين يديك ، كيف سقطت أسوار الجهالة من أمامي ، وذاب التقليد
الأعمى والتعصب المميت من أمام عيني .

وتصور لك كيف استطعت تحت رعاية ربانية أن
أهرب من ظلمات الإفراط ، وضلالة التفريط ومكر الشك والترديد ، لأتسلق جبال العلم
والمعرفة ، ومن ثم أصل إلى أفق الحقيقة والهداية ..

ولا أنسى أن أؤكد بأن الخروج
من ظلمات الشك والتردد والتعصب الأعمى، والإفراط والتفريط وهيلمان المذهب الذي يسقى
بألوان من الأمطار الدعائية والإعلامية ، ويزين بشتى العبارات الجميلة والخطب
الرنانة صباح مساء ، في بلد كإيران ضرب من المستحيل ، إلا إذا استعان المرء بالواحد
الأحد الفرد الصمد ، الذي بيده مقاليد السماوات والأرض سبحانه وتعالى ، وصدق معه
الوعد ..

أحمد الله -عز وجل-فاطر السماوات والأرض ، حمد الشاكرين على توفيقه
إياي، ألا أركع أمام الحياة المادية وزخارفها التي هيأها لي أبي ، وألا أخضع للتعصب
المذهبي والعقائد الخرافية التي ربتني عليها والدتي .. وعلى أنه وفقني إلى دراسة
الحقيقة ورفع الشبهات وستائر الظلمة من أمامي ، وأوقفني على أن أدركت بأن هناك
عالماً إسلامياً أوسع مما نحن فيه من البدع والضلال .. ومن ثم قادني إلى الحقيقة
التي أعتز بها ، وستكون بإذن الله سببا لسعادتي في الدنيا والآخرة .

وها أنا
أشعر بسعادة لا تضاهيها سعادة ، إذ شرح الله صدري للإيمان، فارتديت ثوب عقيدة أهل
السنة والجماعة ، وعن علم ويقين وإيمان صادق نزعت ما كنت فيه من العقائد الشيعية ،
والحمد لله رب العالمين .

أخي المسلم ، وأختي المسلمة :
ما ذكرته هنا يدور في
فلك عالمين متضادين وعقيدتين متباينتين ، وأفكار لا تجمعهما إلا الدعايات الجوفاء
لا غير ، مذهب أهل السنة والجماعة والعقيدة الشيعية .

وأقول وأصرح مرة بعد أخرى
أنني لا أنتمي إلى أي حزب سياسي ، ولا أدعو من خلال كتابي هذا لأي مذهب ، أو رؤية
سياسية ، وإنما أردت من خلالها وجه الله سبحانه وتعالى .

وأرجو الله - عز وجل
-أن يتقبلها مني ، ويجعلها سبيل رشد وهداية لأهلي وأصدقائي وأمتي ..

كما أسأل
الله - عز وجل -أن يهب شبابنا عقولا يفكرون بها ، وأن يوفقهم للتفكير الصادق والفهم
الصحيح والانتخاب السليم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ..


مرتضى
رادمهر

1/1/1381ش
الموافق ليوم الخميس 6/ محرم الحرام/1423هـ . ق . و19/
آذار/ 2002م


النسب والأسرة
أنا المسمى مرتضى رادمهر ابن الدكتور فرزاد
رادمهر ، ولدت عام 1351ش (الموافق لـ 1392هـ، 1972م) في إحدى الضواحي الراقية من
مدينة طهران عاصمة إيران .

مما أذكره من شجرة نسب أسرتي، حسب ما رواه لي والدي
ومما هو مشهور في العائلة ، يرجع نسبنا إلى الأسرة المالكة من سلالة ملوك القاجار
.

فقد كان جد والدي حفيداً لفخر الملوك وهو أخو الملك القاجاري ناصر الدين ، ولم
تزل عائلة والدي تعتز بتقاليدها الملوكي مما ورثتها من الأسرة المالكة القاجارية من
السنن والعادات الأشرافية ، وتحاول أن تنسجم مع كل ما هو غربي أو أوروبي .

أما
والدتي الدكتورة السيدة عالية الحسيني ، فيرجع نسبها إلى السادات الحسينيين ، وهي
تعتز كثيراً بتقاليدها المذهبية ، وتلتزم بجميع العادات والرسوم الموروثة حرفياً ،
وإن كانت طبيبة مثقفة ، وفي الظاهر متنورة تعيش عصرها !

تتباين وجهات نظر عائلة
والدي ، وعائلة والدتي تبايناً واضحاً ، وتكاد لا تلتقي في شيء ، فلكل عائلة
اتجاهها الفكري الخاص ، وشخصيتها الاجتماعية الخاصة بها .

أما ما جمع بين
والديَّ تحت سقف واحد ، فحكاية ترجع إلى أيام زمالتهما في كلية الطب ، فقد كان
والدي ووالدتي يدرسان في كلية واحدة وفي نفس المرحلة الدراسية من نفس التخصص ،
وكانا طالبين متفوقين نشيطين ذكيين مجتهدين ، يحصلان دائماً على المرتبة الأولى في
الدراسة .

هذا التفوق العلمي والزمالة الدراسية والاحتكاك الكثير في المجتمع
الجامعي ، أقام صلة احترام وود بينهما ، واستمرت الحكاية إلى أن وقفت على قصة
الزواج التي جمعت بينهما في عش الزوجية .

لا شك أن الحكاية لم تكن بهذه البساطة
، فالتباين في الرؤية ، والتفكير الساذج بين الطبقات المختلفة في المجتمع لابد أن
يلعب دوره ، فقد كانت عائلة الوالد تعتبر نفسها من الأسر الراقية ، والمثقفة ثقافة
عالية ومن سادة المجتمع ، ولهذا وقفت سداً منيعاً تعارض هذا الزواج ، وقد اشتد
الخلاف بين الأسرتين فكل منهما تعتز بثقافتها ونسيجها ، ولا ترى الثاني يضاهيها أو
يماثلها ، مع كل هذا وذاك أصر الوالدان على موقفهما ، وفي النهاية تم الزواج رغم
جميع الموانع والمخالفات ، لكن بقي ظلال هذا التباين الفكري والمنهجي بين العائلتين
، مما خلق جواً فكرياً وروحياً متوتراً ظل يؤثر في كل مواقف الأسرة وبرامجها
.

حصل هذا الزواج في ظل تلك الظروف التي أشرت إليها ، وبدأت الأسرة الجديدة تخطو
مسيرتها في الحياة بشكل طبيعي ، لكن بقيت آثار حكاية أخرى تلاحق الأسرة طوال
مسيرتها ، لعلها جديرة بالذكر هنا .

في المرحلة الجامعية كان شخص آخر يسمى
الدكتور منصور حكاكيان زميلا لوالدتي في الدراسة ، وقد كان من الأقارب القريبين
لوالدتي ، ويبدو أنه كان يتمنى الزواج من والدتي ، وقد سعى في ذلك .

فيوم تم
زواج والدتي من والدي ذهبت أحلام الرجل أدراج الرياح ، وحمل في نفسه بغضاً وحقداً
شديداً على والدي ، وكان يسعى دائماً ليعرقل الجو على والدي ، وأن يتشاجر معه كلما
وجد فرصة ، لعله يستطيع أن ينتقم منهما أو يشفي غليل صدره .

كان يحاول تشويه
صورة الوالد في كل المجالس والمجامع العلمية ، ويثير الظنون والشكوك عليه في
المجتمع الجامعي ، ويحاول أن يفسد عليه الجو بأي طريق أمكنه ..

كان وَقْع هذه
المواقف الرخيصة على والدي كبيراً ، حتى اضطر أن يتنازل عن كل النجاح الذي حققه إذا
كان برفقة حكاكيان ، فلقد كان عضواً في الهيئة العلمية في الجامعة ، وكان أستاذاً
في كلية الطب ، وباحثاً في قسم المختبر والكشف العلمي ، فترك هذا كله ، بل ترك
البلد وسافر إلى الخارج .

ومن الأشياء الطريفة التي حصلت في تلك الفترة ، أن
الوالد استطاع بعد دراسات وتحقيقات كثيرة أن يصل إلى علاج لسرطان الرئة ، ولما سمع
الدكتور "حكاكيان" بالموضوع حاول جاهدا أن يسرق تركيب صناعة الدواء من أبي ليسجله
لنفسه ، لكن كل مساعيه باءت بالفشل ، فثار الحقد والكره الدفين في نفسه، من يوم أن
خفقت آماله في الزواج من الوالدة ، فبدأ يفتري على الوالد ويسعى لتخريب سمعته
والتطاول على شخصيته ، ولاسيما في المجامع العلمية والجامعية .

ضاقت الأرض على
الوالد بما رحبت ، إلى أن اضطر في عام 1357ش (الموافق لـ 1978م، و1398هـ) للسفر إلى
فرنسا لإكمال الدراسة في تخصص المخ والأعصاب .

قضى الوالد ثلاث سنوات في فرنسا ،
وكان قد تزوج هناك بفتاة نصرانية تسمى السيدة الدكتورة "ماريلا" .

كانت زميلة له
في الدراسة .

"ماريلا" كانت بنت الدكتور فريشتر(FRISHTER) أحد أساتذة الوالد
.

سألت "ماريلا" والدي يوماً : من أين أنت ؟ فأجابها الوالد بأنه من إيران
.

ثم سألت ماريلا والدي ، هل هو محمدي أو مسلم ! وكان والدي يعرف أن ماريلا
معجبة بمذهب المحمديين ـ أي السنة ـ فقال لها بأنه محمدي ، فصدقت الوالد وتم الزواج
؛ ولكن بعد فترة من الزمن أدركت ماريلا بأن الوالد ليس محمدياً بل شيعيا .

حاول
الوالد أن يقنع زوجته بأنه محمدي ، لكن كل محاولاته فشلت ، وقالت له ماريلا بالحرف
الواحد : إن المحمدية لا تعني أن المحمديين يعبدون محمداً ،أو أنهم جعلوه رمزاً
جامداً في حياتهم يزينون بيوتهم وحياتهم بصوره وتماثيله ، وإنما المحمديون هم الذين
جعلوا حياتهم وعاداتهم وتقاليدهم وفقاً لما كان يقوم به نبيهم محمد  ، ويسمون بأهل
السنة والجماعة .

وقالت لوالدي : أنتم أيها الإيرانييون تلعبون على كل الحبال ،
وتحرفون الكلم عن مواضعه ! ولكم ألف وجه ووجه في الحياة ..

وهكذا فسخ هذا الزواج
بعد فترة وجيزة .

بعد هذا ترك الوالد فرنسا وسافر إلى كندا .
وظل يعيش في
الخارج مدة اثني عشر عاماً .

طوال هذه الفترة الطويلة التي قضاها الوالد في
الخارج ، بقي على صلة دائمة بالأسرة عن طريق الاتصالات الهاتفية ، وكذلك سافرت أمي
مرتين لزيارة الوالد هناك .

وفي فترة غياب الوالد كان والده ـ جدي ـ يرعى شؤون
البيت ويهتم بنا .

كان الدكتور حكاكيان يزداد خبثاً على خبث ، ووصل به الأمر
إلى درجة أنه أكثر من مرة وبطرق مختلفة طلب من والدتي أن تطلب من الوالد الطلاق
ليتزوجها هو ! لكن والدتي كانت آية في الحياء والوفاء مما جعلت الدكتور حكاكيان
يكاد يموت غيظا ، وتفشل خططه كلها .

في عام 1370ش( الموافق لـ 1991م ، 1411هـ) ،
رجع الوالد إلى طهران مرة أخرى ، ودخل بقوة أكثر في المجتمع الجامعي والعلمي وبدأ
يدرس في الجامعة .

وصلت الدكتورة "ماريلا" ـ مطلقة والدي ـ بعدما تزوجت من رجل
آخر إلى طهران لزيارة والدي ، كانت على صلة جيدة ـ في دائرة الشؤون الأخلاقية ـ مع
والدي ، كل يحترم الآخر .

كان من وفائها للوالد أنها أخذت تركيب دواء سرطان
الرئة الذي كاد يضيع بين أوراق الوالد القديمة إلى أمريكا ، وبعد دراسات مختبرية
عديدة أخرجت النتائج ضمن عدة بحوث ونشر في كتاب هناك ، وأرسلت الدكتورة "ماريلا"
نسخة من الكتاب المزبور إلى الوالد ، وكان والدي دوماً يرجع الفضل في هذا النجاح
إلى مطلقته الوفية المحترمة الدكتورة "ماريلا" النصرانية .

لم يسجل دواء سرطان
الرئة باسم الوالد ، لكنه كان يعتز دوما أنه شارك في هذا العمل الإنساني العظيم
.

غياب الوالد عن الأسرة والبلد طوال هذه الفترة الطويلة لم يكن أمراً هيناً
بالنسبة لنا ، وقد ذاقت الأسرة الأمرين .

في غيابه ظل الناس الذين كانوا يعارضون
هذا الزواج ، ويحفرون لنا الحفر ولا يكادون يسكتون عنَّا ، مما جعل جو البيت جوا
متوترا دائما ، وجعلنا نعيش في اضطر اب وحيرة .

كانت ثمرة هذا الزواج ثلاثة
أولاد ، ابنين وبنتا .

ما أريد أن أقوله هنا هو أن أسرتنا كانت مزيجا من ثقافتين
مختلفتين ، بل متناقضتين تماما ، أو بعبارة أخرى حضارتين متعارضتين ، وأفكار تناقض
بعضها بعضا ، وعادات وتقاليد لا تستطيع أن تهضم بعضها بعضا ، تجمعت تحت سقف واحد ،
فعائلة الأب كانت رمزا للرؤية الغربية والانحلالية للحياة ، وعائلة الأم على رأس
الهرم في الالتزام بالتقاليد والعادات المذهبية الجوفاء .. وكانت تحاول جاهدة أن
تتفاهم رغم كل هذه التناقضات !

لم نكن نعاني من أي ضيق اقتصادي ، بل كنَّا نعيش
في مرح وحب ، ولا ينقصنا شيء من متع الحياة ولا من الحب والحنان .



مما
لاشك فيه أن من أماني كل أب وكل أم أن يعيش أولادهم في سعادة وصحة ، وأن يوفقوا في
الحياة ، وكانت هذه أمنية والديَّ كذلك ، كان والدي وأسرته الكبيرة يتمنون أن أصبح
طبيباً متخصصاً مشهوراً لكن أسرة والدتي كانت تحرص وتصر على أن أصبح عالم دين
.



وإن كنت اليوم مطرودا من والديَّ وأسرتي وقد نبذوني بعيدا عنهم ،
لكنني لا أستطيع أن أنسى تلك القبلات الحارة التي كانت تترجم حنان والدتي العزيزة
على خدي ، ولا تلك النظرات التي كانت تمتلئ حبا وحنانا من عيون والدي العزيز ،
ويعلم الله - عز وجل -أن لهما مكانا في صدري وأن قلبي يعتز بحبهما بعد حب الله - عز
وجل -والعشق لعقيدتي وإيماني ، وأنني أحبهما حب الولد البار لوالديه ، حب ابن يحترق
حزنا وألما وهو يرى والديه ينكران ويجحدان الحق الذي معه .

وإنني آسف جدا إذ
أصبحت سببا في أن يترك والدي بلدهما للأبد واعتذر منهما أشد الاعتذار
.



من الصبا إلى البلوغ


لم أزل أذكر يوم أن غادر والدي البلد
ـ في الظاهر ـ لإكمال دراسته وللحصول على شهادة التخصص في الطب ، وفي الواقع هروباً
من الجو الذي اختلقه له زميله وصديقه السابق الدكتور حكاكيان من تشويه لسمعته وبث
الإشاعات والافتراءات عليه .

أذكر أن إدارة الأسرة من بعد الوالد وكلت إلى جدي ،
ولا أذكر من تلك الأيام شيء آخر ذي بال ، إلا أنني أشعر بأن الجو في الأسرة كان جوا
مضطربا عكرا ، يغشاه التضاد بين أفكار وتقاليد عائلتي والدي ووالدتي ، وأن غياب ظل
الوالد كان في واقع الأمر صدى لتلك الإختلافات في الأفكار والأذواق ، وكل هذه كانت
جديرة بأن تؤثر في تربية الأولاد وأخلاق الأسرة .



ومما أذكره من تلك
الأيام يوم أن أخذت والدتي بيدي عام 1359ش(الموافق لـ 1978م/1400هـ)، وسجلت اسمي في
مدرسة منطقة "نياوران" ـ وكانت تسمى في تلك الأيام مدرسة ياسمن ـ .

كنت في تلك
الأيام صغيراً لا أشعر كثيراً بما يدور حولي ، لكنني أذكر جيدا أنني سعدت كثيرا
بتسجيلي في تلك المدرسة ، وكدت أطير فرحا .. أيا كانت الظروف أكملت المرحلة
الابتدائية في تلك المدرسة ولم يكن يتجاوز عمري اثنى عشر عاماً بعد ، وأذكر جيداً
بأني في ذلك العمر كنت أجد نفسي أميل إلي الالتزام بالتقاليد الدينية والمذهبية
.

لا أدري ماذا وكيف حدث ؟ لكنني أذكر بأنه طرحت في الأسرة قضية إكمال دراستي في
الحوزة العلمية التي تسمى "ولي عصر" .



ولأنني كنت أميل إلى الجو المذهبي
والالتزام الحاكم على الأسرة ، كنت أشعر بمدى اهتمام والدتي بهذا الجانب ، وكنت
أشتاق إلى الجمع بين دروس المدرسة الإعدادية ودروس المدرسة الدينية .



في
عام 1363ش(الموافق لـ 1984م/1404هـ) بدأت في الجمع بين دروس المدرسة الإعدادية
العصرية وبين دروس المدرسة الدينية ..








تاريخ التسجيل: 15 - 6 - 2011
المشاركات: 42



(4)



قصة هداية مؤثرة وممتعة (رحلة حياتي) بقلم العالم الشيعي حجة الإسلام مرتضى رادمهر Qatarya_M1fpoPwnOs



بداية
السنة الثالثة في الجامعة كانت مع نهاية الفصل الأول من مقطع "الخارج" من الدراسة
الدينية في الحوزة ، لكن بما أن الدروس الجامعية في هذه السنة كانت دروساً عملية
تستوجب الحضور في المستشفى اضطررت إلى إيقاف دراستي في الحوزة إلى إشعار آخر
.
في هذه السنة طرحت أسرتي قضية زواجي ، وأنني يجب أن أفكر في نفسي وفي مستقبلي
.
عائلة الوالد والجد والجدة كانوا جميعاً مصرين على زواجي من ابنة عمتي ، وكانت
زميلتي في الدراسة في كلية الطب ، وكنت أعرفها وتعرفني جيدا ، وكنت أشعر بأن
التعايش معها ضرب من المستحيل ، وذلك لأن رؤيتها للواقع والحياة كانت غير رؤيتي
للمجتمع وللناس وللحياة .


لكن لم يسمع أحد كلامنا ، ورغما عن أنوفنا
بتدخل من العوائل والأسرة تم هذا الزواج وقررت العوائل أن نذهب إلى أمريكا لإكمال
الدراسة والحصول على التخصص .
كنت أشعر بأن دخولي في الجامعة وحضوري في المجتمع
الجامعي في هذه السنة كان أسهل بكثير مما كان في العام الماضي ، وكنت أشعر بأن تلك
المصائب والمشاكل التي كنت أعيشها في العام المنصرم قد ذهب أوانها .


كان
الجو في الجامعة لا يمكن أن يخلو من بعض المصادمات الفكرية وبعض الجدل والنقاش
العقيم ؛ وذلك لأن الجامعة تعتبر ملتقى الأفكار المختلفة والتصورات المتباينة ، ومن
هنا فلا يمكن فصل الجامعة عن بعض التطورات وبعض الأمور المهمة ، ولعله يجدر بي أن
أشير إلى اثنين منها :


1) كنت منكباً على دروسي في الجامعة ومشغولا
بشؤوني الخاصة وبدراستي ، وإذا بالحوزة العلمية في قم تستدعيني للحضور إلى قم عاجلا
.
كانوا قد أعدوا بحث ومناقشة ومدارسة في الأصول والمبادئ العقدية بين المذهب
الشيعي والمذاهب السنية الأربعة ، فاستدعيت لكي أكون عضوا في الفريق الشيعي الذي
يناقش هؤلاء السنة .
يبدو بأن إدارة الحوزة في قم اختارت مجموعة من طلابها
السابقين المتفوقين، ممن اشتهروا بالعلم والاعتزاز بالمذهب، والقدرة على النقاش
والمناظرة والجدل ، ومن هنا جاء اختياري لأكون مع الفريق الذي أعد لهذا البرنامج
المعد له مسبقاً .
دخلت حلبة المناقشة والبحث برفقة رفقائي من علماء الشيعة ، مع
مجموعة من علماء السنة أحضروا من منطقة "تركمن صحراء" الإيرانية .


وكان
الهدف من هذا البرنامج أن نعد مجموعة من الأفلام من هذا اللقاء وننشرها بين الناس
ليعرفوا ضعف المذهب السني وتفاهته ، ويدركوا بأن المذهب الشيعي هو المذهب الحق الذي
لا مرية فيه !!

بدأت المناظرة بيننا وطرحنا أسئلتنا وشبهاتنا ، لم تستمر
جلسة المناظرة الصورية بضعة ساعات وإذا بنا نحن نخرج منتصرين كالأسود التي قضت على
فريستها في طرفة عين ، وكأن علماء السنة بقوا منبهرين أمام علمنا و شبهاتنا ،
وكأنهم لم يجدوا جواباً يردوا به على ما طرحناه من الشبهات والتساؤلات ، وبقوا
متحيرين وخرجنا وكأننا أفحمناهم !
انتهت المناظرة وملأت أخبارها وتفاصيلها
الجرائد التي ظلت لبضعة أيام تهتف لنا بالحياة ، وتشيع في العالم خبر انتصارنا على
علماء السنة ، وتزين صفحاتها بصور ملونة لي كأبرز المناظرين !!

ساندت جهات
عديدة في تضخيم هذه المناظرة ، وإبرازها في صورة تليق بالنصر الحاسم الذي حصل عليه
المذهب الشيعي ، وكأن ثورة وقعت فارتفعت فيها رؤوس كان ينبغي أن ترفع قبل آلاف
السنين ، وانخفضت رؤوس كان ينبغي لها أن تذل قبل آلاف السنين !!

وكان لهذه
المناظرة أصداؤها الإيجابية جداً بين طلبة العلم في الحوزة ، وكأن روحاً جديدة نفثت
في أجسامهم ، وكأنهم وهبوا حياة وعادوا إلى وجه الأرض بعدما كاد التراب يواريهم ،
ففي كل مكان وفي كل جلسة كانت ضحكات الانتصار ترتفع ، والعجب يملئ الأجواف والقلوب
.
لكنني لم أكن أرى في هذا النصر فخرا ولا عزا ؛ لأنني كنت أؤمن بأن جلسة صورية
مثل هذه لا تستطيع أن تقضي على مفاهيم ومبادئ أكلت عليها الدهور والأزمان ، وأن هذا
التفوق الذي جنيناه لا يعد تفوقاً علمياً كما صورته الجرائد والمجلات والمحافل
والمجالس المختلفة ..


لم أكن سعيداً على نجاحنا ؛ وذلك لأنني كنت أعرف
مستواي العلمي أكثر من الآخرين .
كنت أؤمن أن مثلي لا يستطيع أن يقلع شجرة أثمرت
أفكاراً ومفاهيم طوال أربعة عشر قرنا من الزمان في مناظرة صورية مثل هذه
.


كنت أشعر أن طالباً شيعيا بسيطاً مثلي لا يستطيع أبداً أن يفحم علماء
السنة بهذه السهولة ، وكنت أرى في عيون هؤلاء العلماء أنهم يملكون أجوبة ، وأن في
رؤوسهم الشيء الكثير ، لكنهم لا يبدونه .

ولعل رفقائي كذلك كانوا يدركون
مثلي تماماً ، أن سكوت علماء السنة كان راجعاً إلى أمرين لم يرد أحد من أصحاب
الضجيج الإعلامي أن يشير إليهما :
أـ أن الجو بالنسبة لهم لم يكن مساعدا ، فهم
كانوا كالصيد في شبكة الصياد ، أحضروا من مناطقهم البعيدة إلى قم في وسط جو شيعي
يهتف فيه كل شيء للخصم المناظر ، ثم إنهم شعروا بالكاميرات وعدسات التصوير التي
تصور وتسجل كل كلمة يتفوهون بها ، فلم يكونوا يرغبون أن يدخلوا في النقاش وأن
يجادلونا فيما نقول ، ولم يكونوا يتطرقون إلى المسائل الاعتقادية إلا مكرهين
.

ب ـ ثم إنهم لم يكونوا على استعداد للبرنامج ، ويبدو أنهم أرغموا فيها دون
أن يعرفوا عن الموضوع وعن السبب الذي من أجله أحضروا إلى قم ، فلما وجدوا أنفسهم في
ساحة مناظرة أخذ الخصم فيه عدته كاملة ، حاولوا ألا يخرج من أفواههم كلمة قد
يعاتبون عليها .


فما كانت تقوله الجرائد والمجالس ، وما كنَّا نزعمه من
إفحامهم وانتصارنا عليهم ، كانت مجرد حركة دعائية ليست لها من الواقع شيء .
فهم
كانوا يفضلون الصمت خوفاً على أنفسهم ، تماماً كالفريسة بين مخالب العقاب ، فأية
حركة منها قد تؤدي بها إلى التهلكة والسقوط في الشعاب الموحشة!
كنت أرى في قرارة
نفسي أن هذه الجلسة أو المناظرة وما تبعها من التضخيم الإعلامي والنفخ فيها في قم
لم يكن لمجرد إبراز العضلات ، وإنما كان برنامجاً دعائياً إعلامياً، يستغل جميع
الأدوات الدعائية والفنية في صناعة بانوراما إعلامي ضخم ينتصر للمذهب الشيعي ،
ويحرض الناس للاعتناق به .


ولو كان الهدف من مثل هذه المناظرة دراسة
علمية لبيان وجه الحق في المسائل المختلف فيها ، كان ينبغي أن يدعى لها مجموعة من
كبار العلماء وسادة الفكر الإسلامي والفقهاء والفلاسفة وأهل المنطق والاستدلال
العقلي ، لا بعض الطلبة أمثالي ممن لا يعرف شيئاً عن الأصول والمبادئ الاعتقادية
لدى السنة !
2)الدعاية والتضخيم الإعلامي الذي تبع هذه المناظرة قدمني للمجتمع
كوجه علمي بارز ، وجعل الناس يدندنون باسمي وبكلماتي .


أعدت الجامعة
برنامجاً آخر وطلبوا مني أن أحاضر فيها عن المسائل الأخلاقية ، ولم يحددوا موضوع
البحث أو المحاضرة ، فقط قالوا : تحدث بشكل عام عن نتائج فقدان الحس الديني
أوبعبارة أخرى عن طرق اجتناب الذنوب والمعاصي .


بدأت المحاضرة بعد أن
جمعت شتات أفكاري ، وكان فيها تلك التجارب المريرة التي مرَّت عليَّ في نهاية السنة
الدراسية الثانية ، ولاسيما ذلك التقرير الذي أعده زملائي عن المتعة ، وذلك الحوار
الذي تم مع السيدات الثلاثة في حديقة (اكباتان) ـ وقد أشرت إليها سابقا ـ فتحدثن عن
المتعة والآثار التي تسببها وتبعاتها على المجتمع .
كنت أعرف جيداً أن محاضرتي
طعن في الرؤية الشيعية للمتعة ، وأنها ستضع علامات استفهام بارزة على المذهب ـ على
الأقل من هذا الجانب ـ لكنني لم أجد بداً من أن أصرح بكل تلك الخواطر المؤلمة
.
كانت القاعة مكتظة بالشباب الجامعيين والمثقفين والأساتذة ومن بينهم السيد
الدكتور حكاكيان ـ وقد سبق أن تحدثت عنه بالتفصيل ـ الذي أبى إلا أن يبث سمه فقال
في جلسة حضرها عدد كبير من الأساتذة : بأن محاضرنا هذا ينتمي إلى أسرة متغربة تعتز
بالثقافة الأوربية ، وما كان ينبغي أن نسمح له أن يتجرأ بالطعن في المتعة وهي من
مسلمات المذهب الشيعي ، ولا ينبغي لنا أن ننتظر من مثل هذا الشخص مواقف أفضل من هذا
، فالمنبت السوء لا يخرج نباتا حسنا ، وما في النار للظمآن من ماء!
كنت أشعر
جيداً بأنه يحاول الطعن في سمعة عائلتي والانتقاص من أسرتي .
تضايقت جداً من
موقف الدكتور حكاكيان هذا ، وكنت أحاول أن أجد سبيلا لأنتقم منه ، فسافرت إلى قم
وطرحت مشكلتي على السيد "آية الله وحيد الخراساني" أستاذي وصاحب سري ورجوته أن
يساعدني في حل هذه المشكلة العويصة ، وفي الانتقام من هذا الرجل المزعج .
فقال
السيد آية الله وحيد الخراساني : بأن أبحث عن أية نقطة ضعف أو حركة مرموزة لدكتور
حكاكيان لنتصرف من خلالها .
وبدأت في البحث عن شيء يمكن أن أزود به آية الله
الخراساني .
قدراً حصلت على شريط يتحدث فيه الدكتور حكاكيان مع رجل آخر ، فيه
شيء من الطعن بقيادات الثورة والمرشد العام للثورة الإيرانية ، فرفعت الشريط مباشرة
إلى آية الله الخراساني ، وشفى هذا الشريط غليل صدري قليلا ، إذ سبب مشاكل كثيرة
لحكاكيان وظل في السجن لمدة ما .
هكذا انتهى العام الدراسي الثالث في الجامعة
بعد تلك الأمور والخواطر التي سببت لي بعض المشاكل وبعض التحولات النفسية والعاطفية
.
كانت لهذه التجارب الأخيرة دورها البارز في صناعة شخصيتي ، فقد تعلمت منها كيف
ينبغي أن أواجه المشاكل ، وكيف يجب أن أتحرك في ظروف الحياة المختلفة ، وكيف أستطيع
أن أتعايش مع مشاكل الجامعة ومسائلها ، أو بعبارة أخرى لم أعد ذلك الشاب المغرور
والعاطفي والثوري ، بل أصبحت رجلا محايداً ناضجاً ، ومنطقياً يحتاط في كل شيء ،
ويضع لكل شيء حسابه .
في هذه الفترة حدثت لي حادثتان كانت لهما دور إيجابي في
مسيرة حياتي وفي بناء شخصيتي وفي البحث عن وجوه الصواب في أفكاري واعتقاداتي ،
وأنهما أصبحتا نبراسين في طريقي نحو الهداية والوصول إلى شاطئ السعادة ، وترك ما
كنت أؤمن به من العقائد الباطلة .

السفر إلى "كنكان" من محافظة "
بوشهر"
كنَّا نستقبل الأيام التي ترمز إلى حادثة تاريخية مهمة جدا لدى الشيعة
وحدهم ، وهي الأيام الموافقة لشهادة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام بنت الرسول
 حسب ما تعتقده الشيعة .
كانت الأقمشة السوداء تغطي أبواب المساجد وجدرانها
رمزا للحداد والحزن ، امتلأت الشوارع والجدران بلافتات ، إما كتبت عليها جملات
دعائية تلعن قتلة فاطمة الزهراء عليها السلام ومن ظلمها ، أو عبارات تذكارية تشير
إلى هذه الحادثة المؤلمة وتسلّي الأمة المسلمة وتعزيها فيما أصابها .
كنت أسمع
بعض العلماء على المنابر يصرخون بأننا "نؤمن بوحدة الأمة" ونسعى إليها ، وكنت أشم
رائحة النفاق والتناقض في كل مكان .
خططت الحوزة العلمية بقم لبرامج تعزية
وتسلية وقراءة للأذكار وللأناشيد الدينية (الروضة) لمناطق مختلفة من مناطق السنة ،
وكان منها برنامج أعد لمنطقة كنكان( ) من محافظة "بوشهر" من مناطق أهل السنة ،
وعيّنتُ والسيد حجة الإسلام والمسلمين "محمد حسين فاطمي" لإجراء هذا البرنامج
.
كنَّا نعقد في كل ليلة جلسة نتحدث فيها عن حقد الحاقدين ، وظلم الجبابرة الذين
أبوا إلا أن يلطخوا التاريخ بجريمتهم في استشهاد بنت الرسول  السيدة فاطمة الزهراء
عليها السلام .
كنا نحاول أن نكشف الستر عن وجوه تلك العصابة المجرمة التي
ارتكبت هذه الجريمة !! ، وبما أن المنطقة في الأصل منطقة سنية أحدثت محاضراتنا ضجة
صامتة في المدينة وعكرت الجو هناك .
في إحدى الليالي بعد المحاضرة والجلسة
البكائية وقراءة الأناشيد الحزينة، ذهبنا إلى بيت أحد أصدقائنا ، وكان يسكن في تلك
المدينة وكان على صلة بنا وبإدارة البرنامج .
حضر عنده رجل كان يبدو مضطربا
حزينا ، جلس أمام السيد فاطمي ، وقال : السيد المحترم لدي بعض الاستفسارات ، فهل
تسمح لي ؟ ، فقال السيد فاطمي : تفضل ، قال الرجل المضطرب ، وهو يحاول أن يتماسك
نفسه : هل حضرتك متزوج ؟ أجابه السيد فاطمي مستغرباً : نعم ، سأله الرجل : وأتصور
بأن زوجتك جميلة جدا !!
طريقة الرجل في طرح أسئلته وكيفيتها جعلت السيد فاطمي
يثور ويغضب غضبا شديدا ، وفي ثورة الغضب لم يتمالك نفسه فلطم الرجل لطمة شديدة في
وجهه ، وهكذا انقلبت جلسة الحوار والبحث إلى ساحة صراع وعراك .
استطعنا بعد تدخل
من أسرة صاحب البيت أن نهدئ الموقف .
لكن الرجل الذي تبين لنا أنه سني كان يصرخ
في غضب شديد ويقول للسيد فاطمي : أنت لست غير رجل متطفل على العلم والعلماء وتغار
على زوجتك إلى هذه الدرجة فلا تستطيع أن تتحمل كلاما بسيطا فيها .
فيا أيها
الرجل الأحمق ويا ...! كيف تفتري على أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - صهر
الرسول  وفاتح خيبر والبطل الذي سماه الرسول بأسد الله ، هل كان مثله يسكت وهو يرى
أعداءه يضربون زوجته ويشتمونها ويهينونها ؟! ألا تستحي من نفسك وأنت تكذب وتفتري
على صحابة الرسول  ؟ ما تقوله وما تفتري به على التاريخ وعلى الصحابة ليس إلا شتما
وإهانة بشخصية علي - رضي الله عنه - ؟!
ثم التفت إلينا نحن جميعاً وصرخ فينا :
يا أيها الخبثاء !! أخرجوا من مدينتنا بسرعة . ثم قال لمن ضيّفنا : أخرج هؤلاء
الأشرار من بيتك لئلا يحاسبنا الله بخبثهم ودجلهم فينزل علينا عذابه الشديد وعقابه
الأليم .
أثَّر هذا الموقف فيّ إلى حد كبير ، كانت خاطرة مريرة ترسخت في رأسي
ولا أظنني أستطيع أن أنساها أبدا .
رجعنا إلى قم ورفعنا تقرير سفرنا إلى إدارة "
الحوزة العلمية" وشرحنا تفاصيل ما حدث لنا هناك ، ولم يكن من المسؤولين إلا أن
قالوا : لا بأس عليكم ... لا تهتموا بالموضوع أبدا فالسنة على طول التاريخ كانوا
يكرهون أهل البيت ويعادونهم ، فلا تتعبوا أنفسكم وحاولوا أن تنسوا ما حدث
لكم.
كل حاول أن يرفع عنَّا شيئا لما حدث بتفسير أو تأويل يكشف عن عداوة السنة
لأهل بيت الرسول  !
لكن هذه الحادثة أثرت فيّ تأثيراً كبيراً وجعلتني أراجع
نفسي كل حين ، وأشك في كل ما أعتقده وما أؤمن به من الأفكار والعقائد الشيعية
.

السفر إلى ديار العشق ( بلوشستان)
أبدأ باسم الله الواحد الذي يقهر
الظالمين ...
وأصلى وأسلم على رسوله الأمين وعلى صحابته الغر الميامين ...
ثم
أحكي حكاية سفري لأصحابي ...
قدر الله أن أخرج من قم في ركب مناظرين
...
قطعنا بأمر من أستاذنا الصحاري والفيافي ...
ذهبنا إلى ديار البلوش ، ما
أسعدك يا رمز العز يا أيها البلوش ...
في حيرة منا لم يستضيفونا إلا باللبن
...
كان بحثنا "آية التطهير" ومن هنا أخذنا في التغيير ...
أدركنا بأننا نحن
الشيعة لا أساس لنا ولا أصول إلا الشهوات واتباع الفضول ...
إلا المتعة والبكاء
والعويل ، لا الحديث عن الشجاعة والبطولة ...
وماذا عساي أن أقول عن حكاية علي
رضا رحمة الله عليه ( ) وقد قضى نحبه في سبيل عقيدته ...
بعد أن اغتالت رصاصة
الغدر هذا الورد في تلك الليلة المريرة ...
ما أن استقر عقرب الساعة على الثانية
عشرا إلا وقد طارت روحه إلى جنان الخلد ...
وكان آخر ما أوصاني فقد اهتديت فالحق
بأهل السنة لتسعد في الدنيا والآخرة ، وليجمعنا ربنا إخوانا على سرر متقابلين
.
ما أعظم ما أوصاني وقد دخلت وصيته قلبي وتغشاني ...
يا أبي أين أنت ؟ إلى
أين تمضي ؟ لماذا تجري وراء الضلال ؟
إلى أين يا أصحابي وزملائي ؟ تعالوا
والحقوا بي في ركب الموحدين ...
ويا ليت ربي يهبني الشهادة ؛ لألحق بأخي وحبيبي
علي رضا( ).
لم تمر خمسة أو ستة أشهر من سفرنا إلى منطقة السنة "كنكان" ، وإذا
بإدارة الحوزة العلمية وقد رتبت برنامجاً دعوياً آخر إلى مدينة "إيرانشهر" من مدن
محافظة بلوشستان ، وقد اختاروا لهذه الرحلة مجموعة من أبرز وأقوى الطلبة المتفوقين
في الحوزة العلمية بقم ، ممن لهم تجارب جيدة في الدعوة والمناظرة والنقاش والجدل ،
وكان الهدف المعلن والظاهري لهذه الرحلة، أن نستكشف الآثار الإيجابية أو السلبية
التي تركتها المؤتمرات واللقاءات التي أعدت في موضوع تقريب المذاهب ـ وحدة السنة
والشيعة ـ في هذه المنطقة .
لكن في واقع الأمر كان يهدف من خَطَّط لهذه الرحلة
ونسق برنامجها، أن نناقش أحد أبرز علماء السنة في بلوشستان ، ممن لهم صيت واسم جيد
، ويتمتع باحترام وتبجيل بين السنة ، وقد ضرب مثلا رائعاً في الزهد والبساطة
والإخلاص .
وقد كان أمره يهم السادة المسؤولين في قم ، وذلك لأنه كان صاحب مواقف
شديدة تجاه الشيعة . وكانت الإدارة في قم تعتبره من رؤوس الوهابيين وكان يعيش بعيدا
عن عالم السياسة .

كان الهدف الأصلي وراء سفرنا هذا أن نبحث عن مواطن الضعف
في هذا العالم السني ، وأن نعرف أين وكيف يطبع كتبه ومن يموله ويساعده ، ومن يعينه
في إدارة مدرسته وتكلفة مصاريفها .

وكان فريقنا السداسي يتكون من كل من
:

1ـ السيد أبوذر فاطمي 2ـ علي رضا محمدي - رحمه الله - 3ـ السيد أبو طالب
حسيني 4ـ محمد رضايي 5ـ عبد الحسين جلاليان 6ـ مرتضى رادمهر .
كان السيد أبوذر
فاطمي هو مسؤول الفريق وأمير الركب .
استدعينا جميعاً إلى قم إلى مكتب السيد آية
الله وحيد الخراساني ، حضر اللقاء كذلك السيد غلام رضا كاردان ، والسيد أبوذر فاطمي
وآية الله أستادي .
استمعنا إلى الوصايا والأوامر والتوصيات الأخيرة وإلى تفاصيل
الواجبات التي كلفنا بها .
شرح السيد آية الله وحيد الخراساني أهمية هذا السفر
والأهداف التي يجب أن نحققها .
شرح لنا خطة البرنامج وتفاصيله وأشار إلى أنه سبق
أن التقى بهذا العالم السني في إحدى مؤتمرات تقريب المذاهب ، وحاول أن يبين لنا
وجوه أهمية هذه الرحلة ، وأهمية هذا الرجل السني وأنه من كبار علمائهم .

بعد
تفهيمنا الخطة ودَّعونا ، ورتب البرنامج بحيث أن يجتمع أعضاء الفريق في طهران ـ
العاصمة ـ ومن هناك يتم نقلهم إلى زاهدان ، ومن زاهدان إلى منطقة ذلك العالم السني
.


وحسب الخطة المرسومة كان السيد فاطمي وحده يلبس زي علماء الشيعة ، أما
نحن أعضاء الفريق فكنا نلبس الملابس العادية .


عند الغروب دخلت أنا
برفقة علي رضا محمدي ـ رحمه الله ـ إحدى مساجد السنة .
اقتربنا إلى رجل كان يلبس
لباس أهل المنطقة ـ البلوش ـ وسلمنا عليه وقدمنا أنفسنا إليه بأننا كنًّا شيعة
وأصبحنا الآن من أهل السنة ، ونحتاج إلى المزيد من البحث والدراسة في المذهب السني
، وأردنا منه أن يعرفنا إلى عالم يستطيع أن يشبع نهمتنا .
رحب بنا الرجل بكل
بساطة وصدقنا فيما نقوله وأعطانا عنوان بيت ذلك العالم السني الشهير الذي جئنا
لنلتقي به ، وأوصانا ألا نكشف اسم العالم إلى الآخرين ـ حرصا على حياته ـ وفي
الصلاة صففنا مع الناس وصلينا على طريقة أهل السنة والجماعة وربطنا أيدينا على
صدورنا في القيام حتى نثبت أننا أصبحنا من السنة !!

راجعنا العنوان بعد
الصلاة وتأكدنا من أن العنوان يطابق عنوان بيت ذلك العالم الذي بعثنا من أجله
.


رجعنا إلى بيت إمام جمعة الشيعة في مدينة "إيرانشهر" وشرحنا وضع
المنطقة وما حصلنا عليه من المعلومات لأعضاء الفريق ورتبنا برنامجنا على وفق ما
رأيناه .
مساء اليوم التالي انطلقنا بسيارة م
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة هداية مؤثرة وممتعة (رحلة حياتي) بقلم العالم الشيعي حجة الإسلام مرتضى رادمهر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة ومنتديات ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا ) :: *::المنتديات الشرعية::* :: منتدى الروافض-
انتقل الى: